إن اختيار مؤسسة التحكيم المناسبة يُعَدُّ من أهم القرارات ذات التأثير على أطراف المنازعة. كما إن من الأهمية بمكان التأكد من أن مؤسسة التحكيم قادرة على إدارة عمليات التحكيم بفاعلية، ولديها الخبرة الكافية، وأن القواعد الإجرائية معروفة لجميع الأطراف وتمنحهم الثقة في التحكيم.
ويعد الإصدار الثاني من قواعد التحكيم الخاصة بالمركز السعودي للتحكيم التجاري ("القواعد") شهادة على التزام المركز السعودي للتحكيم التجاري ("المركز") بتقديم خدمات إدارة القضايا من الدرجة الأولى مع توفير المرونة لتلبية الاحتياجات المتطورة للعملاء. وتهدف القواعد إلى الاستجابة للخصائص والسمات الفريدة لكل منازعة، مع التأكيد على استقلالية الأطراف وحق الأطراف في تحديد كيفية تسوية المنازعات.
وفي الوقت نفسه، تتضمن القواعد أحكامًا إلزامية لضمان تسوية المنازعات بشكل عادل وفعال وسريع، مع التمسك بالمبدأ الأساسي المتمثل في مراعاة الأصول القانونية. وتهدف معايير الحوكمة العالية التي تتضمنها القواعد إلى تعظيم كفاءة العملية؛ من خلال معالجة الإشكالات المرتبطة بالحدود المالية للقضايا بشكلٍ مبكر، وتعيين هيئة التحكيم بسرعة، وإدارة الأطراف والعملية دون تأخير ودون تكاليف غير ضرورية. وقد نُقحت القواعد وفقًا لأفضل الممارسات الدولية؛ مما يجعلها خيارًا موثوقًا به للأطراف التي تسعى إلى تسوية منازعاتها من خلال التحكيم.
قواعد التحكيم لدى المركز
اعتمدت القواعد للمرة الأولى في 24 رجب 1437 الموافق 1 مايو 2016، ثم يأتي هذا الإصدار الثاني بمساعدة ودعم من اللجنة الاستشارية الدولية للمركز التي تتمتع بخبرات عريقة وممتدة، وبمساهمات نوعيّة من الممارسين المحليين والدوليين التي تمت خلال مرحلة استطلاع رأي العموم المكثفة وما تضمنته من جلسات استماع في أماكن مختلفة؛ ليتم تتويج هذه الجهود بدخول هذه النسخة من القواعد حيز النفاذ في 11 شوال 1444 يوافقه 1 مايو 2023، وذلك كثمرةٍ لمشروع التطوير الشامل للقواعد الذي تضمن مراجعة وتحسينًا؛ والذي يهدف إلى تعزيز كفاءة عملية التحكيم وخفض تكاليفها وتحسينها.
وقد أُدخلت على القواعد العديد من التعديلات؛ مما يعزز الإدارة الفاعلة للقضايا ويعالج المشاكل والممارسات الناشئة. وإن من أهم التحديثات التي تضمنتها هذه النسخة، هو منح مجلس القرارات الفنية الآن سلطة تحديد الجوانب الإدارية الرئيسة لعملية التحكيم مثل، تعيين وعزل المحكمين، وتحديد التكاليف، وضم الدعاوى، ومراجعة أحكام التحكيم. كما إن هذه النسخة من القواعد تشجع على استخدام التقنية، مثل الإرسال الإلكتروني للوثائق، وتقديم الأدلة باستخدام الوسائل الإلكترونية، والتوقيع الإلكتروني على أحكام التحكيم؛ لتقليل الأثر السلبي على البيئة إلى أدنى حدٍّ ممكن، وتحقيق الكفاءة المثلى. بالإضافة إلى ذلك، فقد أصبحت القضايا التي تتضمن دعاوى ذات حجمٍ صغيرٍ لا تتجاوز مقدارًا ماليًا معينًا يتم الفصل فيها بشكلٍ تلقائيٍّ من خلال قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني.
كما إن من التحديثات التي تضمنتها هذه النسخة من القواعد، تنظيم التحكيم في قضايا العقود المتعددة والأطراف المتعددين؛ بما تتضمنه من أحكام خاصة تتعلق بإدخال أطراف إضافية، أو ضمِّ الدعاوى، أو التنسيق بين إجراءات قضايا تحكيم بالتزامن. كما تضمنت هذه النسخة تعزيزًا أكبر لجوانب الشفافية، كطلب الإفصاح والكشف عن هوية الأشخاص غير الأطراف في التحكيم ممن لديهم مصلحة اقتصادية في نتيجة التحكيم، مثل مموِّل الطرف الثالث. بالإضافة إلى تعزيز الأحكام المرتبطة بتشكيل هيئة التحكيم، وجعلها أكثر صرامة من جهة إضافة سببين إضافيين لطلب رد المحكم وهما؛ إخفاقه في القيام بواجباته، أو إذا كان لا يمتلك المؤهلات التي اتفق الأطراف عليها.
كما تضمنت توسيع السلطة التقديرية لهيئة التحكيم؛ من خلال منحها الحقَّ في التحكُّم والإشراف على تغيير ممثلي الأطراف، وتشجيع تسوية المنازعات وديًا، والحد من طول البيانات المكتوبة وطلبات المستندات، وإجراء جلسات الاستماع عن بعد. كما أعطت هذه النسخة من القواعد اهتمامًا بالأمن السيبراني والخصوصية وحماية البيانات.
وبشكلٍ عام، فإن نجاح هذا الإصدار الثاني من القواعد إنما ينبني على نجاح الإصدار السابق منها، كما تمثِّل هذه النسخة من قواعد المركز أحدث وأشمل ما تتضمنه قواعد التحكيم الدولي. وتسري هذه القواعد على جميع قضايا التحكيم المسجلة في 11 شوال 1444 الموافق 1 مايو 2023 وما بعده.
قواعد الإجراءات المعجلة (الملحق الثاني)
اعتمدت النسخة الأولى من قواعد الإجراءات المعجلة في 19 صفر 1440 الموافق 15 أكتوبر 2018، ونُقحت لتتماشى مع التعديلات التي أجريت على القواعد. ويسري الإصدار الثاني من قواعد الإجراءات المعجلة جنبًا إلى جنب مع القواعد، وفي حال التعارض يكون لها الأولوية على القواعد. وقد صُمِّمت قواعد الإجراءات المعجلة لمعالجة المنازعات الأقل حجمًا أو تعقيدًا، والتي لا يوجد ما يبرر أن يطبَّق عليها البروتوكول الإجرائي الكامل المنصوص عليه في القواعد. وتتمثل أبرز سمات قواعد الإجراءات المعجلة في تعيين محكم فردٍ فقط للنظر في القضية في جلسة استماع واحدة في يوم واحد. علاوة على ذلك، يجب أن يُصدر المحكَّمُ الفرد حكم التحكيم النهائي في غضون 30 يومًا من تاريخ إغلاق الإجراءات، أو في غضون 180 يومًا من تاريخ تعيينه، أيهما يحدث أولاً. فضلاً عن ذلك، توفر قواعد الإجراءات المعجلة للأطراف عملية سريعة ومبسطة، وخيار جعل المحكم يبت في النزاع استنادًا إلى الإفادات المكتوبة فقط، والحدود الزمنية الشاملة المختصرة.
تسري قواعد الإجراءات المعجلة تلقائيًا عندما لا يتجاوز إجمالي المبلغ محل المنازعة أربعة ملايين (4,000,000) ريال سعودي (بما لا يشمل تكاليف التحكيم)، كما يجوز للأطراف اختيار إخضاع الفصل في منازعاتهم وفق قواعد الإجراءات المعجلة بغض النظر عن إجمالي المبلغ محل المنازعة.
ودخل الإصدار الثاني من قواعد الإجراءات المعجلة حيز النفاذ في 11 شوال 1444 الموافق 1 مايو 2023، ويسري على جميع قضايا التحكيم المسجلة في هذا التاريخ أو بعده، بغض النظر عن تاريخ إبرام الأطراف للعقد بينهم.
قواعد إجراءات محكم الطوارئ (الملحق الثالث)
اعتمدت قواعد إجراءات محكم الطوارئ لأول مرة في 19 صفر 1440 الموافق 15 أكتوبر 2018، ونُقحت لتعكس التعديلات التي أجريت على القواعد. وتمكِّن قواعد إجراءات محكم الطوارئ الأطراف من التماسِ تدبيرٍ وقتيٍّ مستعجل لا يحتمل الانتظار لحين تشكيل هيئة التحكيم من خلال طلب تعيين محكم طوارئ للنظر في طلبه. وعلى النقيض من الإصدار السابق، توفر هذه النسخة من قواعد إجراءات محكم الطوارئ مرونةً أكبر من خلال السماح لأي طرف بتقديم طلب التدبير الوقتي المستعجل حتى قبل إحالة طلب التحكيم إلى المركز. ومع ذلك، يجب إتْباعُه بتقديم طلب التحكيم في غضون 10 أيام تقويمية؛ لتجنب إنهاء تحكيم الطوارئ الذي تمَّ بدؤه.
ويوضح الملحق الثالث بشكل شامل عملية تحكيم الطوارئ، بدءًا من تقديم الطلب وحتى إصدار أمر أو حكم التحكيم المؤقت إلى جانب جداول زمنية واضحة وفعالة. ويجب تعيين محكم الطوارئ في غضون يوم عملٍ واحدٍ من تاريخ بدء تحكيم الطوارئ، ويجب إصدار أمر أو حكم التحكيم المؤقت في غضون 14 يومًا من تاريخ إحالة ملف القضية إلى محكم الطوارئ.
وقد دخلت قواعد إجراءات محكم الطوارئ المنقحة حيز النفاذ في 11 شوال 1444 الموافق 1 مايو 2023، وتسري على جميع قضايا التحكيم المسجلة في هذا التاريخ أو بعده.
قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني (الملحق الرابع)
اعتمدت قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني لأول مرة في 21 محرم 1440 الموافق 1 أكتوبر 2018، ونقحت مرة واحدة من قبل في 18 ذو القعدة 1442 الموافق 1 يوليو 2021. وقد نُقح هذا الإصدار الثالث ليتماشى مع التعديلات التي أُدخلت على القواعد. ويسري الإصدار الثالث من قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني جنبًا إلى جنب مع القواعد، وفي حال وجود تعارض، يكون له الأولوية على القواعد. وقد صُممت قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني لتسوية المنازعات الصغيرة التي لا يتجاوز فيها إجمالي مبلغ المنازعة مائتي ألف (200,000) ريال سعودي (بما لا يشمل تكاليف التحكيم). وبموجب قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني، يتعين على المركز تعيين محكم فرد على الفور. ويصدر هذا المحكم بعد ذلك حكم التحكيم النهائي في غضون 30 يومًا من تاريخ تعيينه. ويستند حكم التحكيم النهائي عادة إلى مراسلات الأطراف المكتوبة، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك أو يرى المحكم ضرورة عقد جلسة استماع، والتي تُعقد عادة عبر الهاتف أو الاتصال المرئي.
ودخل الإصدار الثالث من قواعد إجراءات التحكيم الإلكتروني حيز النفاذ في 11 شوال 1444 الموافق 1 مايو 2023، ويسري على جميع قضايا التحكيم المسجلة في هذا التاريخ أو بعده، بغض النظر عن تاريخ إبرام الأطراف للعقد بينهم.
الشروط النموذجية للمركز
يوفر هذا الكتاب العديد من البنود النموذجية للأطراف التي تسعى إلى تسوية المنازعات بينها من خلال التحكيم الذي يديره المركز. وقد صيغت هذه البنود النموذجية بطريقة واضحة وموجزة لتيسير استخدامها. ويتم تشجيع الأطراف على النظر في إدراج بعض العناصر الإضافية في البنود بينهم، مثل عدد المحكمين ومكان التحكيم ولغته؛ لتصميم البند الذي يناسب احتياجاتهم الخاصة. وإذا رغب الأطراف في إضافة بند التحكيم الخاص بالمركز إلى العقد المبرم بينهم، فعليهم الرجوع إلى الدليل الإرشادي الخاص بصياغة بنود تسوية المنازعات الموجود على الموقع الإلكتروني للمركز على www.sadr.org ، بالإضافة إلى سعيهم للحصول على المشورة القانونية عند الاقتضاء.